للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحرير والتنوير]

لا يعد كتاب التفسير: التحرير والتنوير من بين كتب التفسير المعاصرة. فهو بالمنهج العلمي ألصق، وبطرق السابقين المتقدمين ألحق. لا يقف صاحبه من آثار الأسلاف في هذا الميدان موقف الطاعن أو الذامِّ، ولكن موقف المهذِّب والمستدْرِك.

صدّر الإمام الأكبر تفسيره بمقدمات في علوم القرآن.

وجعل تلك المقدّمات قسماً من الجزء الأول من التحرير، تناول فيه عدداً من القضايا الهامة مثل: التفريق بين التفسير والتأويل، واستمداد علم التفسير، والتعريف بالمنهجين المعتمدين في تفسير القرآن: التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي. كما بحث مقاصد التفسير، وأسباب النزول، وعرّف بالقراءات، وتحدّث عن قصص القرآن، وختم جملة هذه المباحث بتقسيمات القرآن وترتيباته وأسماء ذلك. وخصص المقدّمتين التاسعة والعاشرة: الأولى ببيان أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن ينبغي أن تكون مرادة منها، والثانية بإعجاز القرآن. وفيها من جملة المباحث ذكر مبتكرات القرآن وعاداته.

ومضى الشيخ ابن عاشور في تفسيره على نمط فريد في عصرنا الحاضر، يداني به كبار أئمة التفسير المعتمدين، ويجنح بطلّابه فيه إلى مختلف الطرق، تمكيناً لهم من فهم النص القرآني فهماً كاملاً، وتدريباً لهم على الغوص على لطائف معانيه وإشاراته، غوصاً يسمح لهم بالانتباه إلى دقائقه، مع التربية لملكاتهم والصقل لمواهبهم والارتقاء بأذواقهم. فهو يخاطب به في حلقات درسه طبقة خاصة من طلبة الدراسات العليا، وعدداً من المدرِّسين الذين كانوا يُهرعون إلى مجلسه للتأدّب به والتعلّم منه والتخرّج عليه. فهو يبني بهذه الطريقة

<<  <  ج: ص:  >  >>