جيلاً جديداً يتلقّى المشعل من يده، وينهج منهجه في سيره، فيعمّ بذلك نفعُه العامةَ والخاصةَ، ويحفظ به اللغة وآدابها، ويُعنى فيه بالقرآن الكريم الذي وعد سبحانه بحفظه في قوله جل وعلا:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(١).
وقد اعتمد الإمام الأكبر المنهج الصحيح في تفسيره، المنهج الذي لا غنى عنه لدارس ولا لباحث ينظر في كلام الله تعالى. فنبّه إلى أن تفسير التراكيب القرآنية ينبغي أن يجري على تبيين معاني الكلمات بحسب استعمال اللغة العربية، ثم بأخذ المعاني من دلالة الألفاظ والتراكيب وخواص البلاغة، وباستخلاص المعاني المستنبطة منها عن طرق دلالات المطابقة والتضمين والالتزام مما يسمح به النظم البليغ ولو تعددت المحامل والاحتمالات، وكذلك بنقل ما يؤثر عن أئمة المفسّرين من السلف والخلف مما ليس مجافياً للأصول ولا للعربية، مع تجنّب الاستطراد والاندفاع في أغراض شتى ليست من مفادات تراكيب القرآن.
وقد جعل من أهم مصادره في تحريره: تفسير الكشاف للزمخشري، والمحرر الوجيز لابن عطية، ومفاتيح الغيب للرازي، وتفسير البيضاوي الملخص من الكشاف ومن مفاتيح الغيب بتحقيق بديع، وتفسير الشهاب الآلوسي، وما كتبه الطيبي والقزويني والقطب والتفتازاني على الكشاف، وما كتبه الخفاجي على البيضاوي، وتفسير أبي السعود، وتفسير القرطبي، والموجود من تفسير الشيخ محمد ابن عرفة التونسي من تقييد تلميذه الأبِّي. وهو بكونه تعليقاً على تفسير ابن عطيّة أشبه منه بالتفسير. لذلك لا يأتي على جميع آي القرآن،