ولا بأس أن نشير عقب هذا البيان إلى جملة من القواعد العامة التي تحكم المجتمعات الإنسانية، والتي لها علاقة بميدان العمل وبالتصرّفات العامة والخاصة بين أفراد المجتمع ككل، فمن ذلك:
(١) أن حقوق العباد تضمَنُها التصرّفات الكريمة والأخلاقية التي تجلب لهم المصالح وتدرأ عنهم المفاسد.
(٢) أن من حكمة التشريع ألا توصد في وجوه العاملين بأموالهم أو بأبدانهم الطرق السليمة المثلى التي يستوجبها الحق والعدل. ولزوم الغض عما يتطرّق ذلك من مخالفة للتشريعات، مما بنيت عليه أحكام المعاملات المالية في المعاوضات.
(٣) اعتبار الحاجة إلى التعاون بين الأطراف كلها في مجالات العمل والإنتاج أكيدة. فالعامل مثلاً لا قدرة له على التمويل، وصاحب المال ليس ذا خبرة للقيام بمشروعاته وإنجازها على الوجه الكامل. ومن ثم تكثر وتتعدد الدوافع عند الطرفين حاملة لهما على التشارك والتعاون. فالعملةُ إن حرموا مساعدة أصحاب الأموال، وأصحابُ الأموال إن لم يجدوا من يخدمهم أو يقوم بمشاريعهم، تَلِفت أموالهم وضاعت منهم فرص الإنتاج. ولكون ذوي المال أقدر على التماسك أمام التطورات والشدائد لزم أن تكون معاملاتهم للعمال خالية من التحيّل والاستغلال، بقدر ما تكون علاقة العمال خالية من الحَسَدِ والغِش وإضاعة الأوقات مما يفسد أعمالهم ويحول بينهم وبين الوفاء بواجباتهم.
وقد أوصت الشريعة الإسلامية، طبق مبادئها وأصولها، بالتحرّز عما يثقل العامل من العقود. وذلك لكي لا يستغلّ رب المال