للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كد - واجب الاجتهاد]

من أجل هذا كانت الأمة الإِسلامية بحاجة إلى علماء أهلِ نظر سديد في فقه الشريعة، وتمكّن من معرفة مقاصدها، وخبرةٍ بمواضع الحاجة في الأمة، ومقدرةٍ على إمدادها بالمعالجة الشرعية لاستبقاء عظمتها، واسترفاء خروقها، ووضع الهناء بمواضع النقب من أديمها.

ولقد هدانا الله إلى هذا بما أمر به من الاعتبار في أدلة الشريعة، وبذل الجهد في استجلاء مراده. حصل لنا ذلك من استقراء آيات كثيرة من الكتاب، وأخبار صحيحة من السنة. وقد ذمَّ أمماً في وقوفهم عند الظواهر وإعراضهم عن النظر والاستنباط. كما في قوله تعالى في توبيخ بني إسرائيل: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} (١).

فدلّت على أنهم لم يؤخذ عليهم الميثاق أن لا يأخذوا الفدية من أسرى قومهم, لأن ذلك لا يتصوّر وقوعُه مباشرة، وإنّما أخذ عليهم أن لا يخرجوهم من ديارهم لأن ذلك قد تدعو إليه المغاضبة


(١) البقرة: ٨٤ - ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>