للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكَّنَ لهم في الأرض وما أصلح من أحوالهم. فقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (١)، وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (٢)، وقال: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (٣)، وقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٤). فعلينا أن نتخيّل الأمة الإِسلامية في صورة الفرد الواحد من المسلمين فتعرِضُ أحوالها على الأحكام التشريعية كما تُعرَضّ أحوال الفرد. فهنالك يتّضح لنا سبيل واضحة من الإجراء التشريعي في أحوال الأمة.

وإن من أعظم ما لا ينبغي أن يُنسى عند النظر في الأحوال العامة الإِسلامية نحو التشريع هو باب الرخصة. فإن الفقهاء إنّما فرضوا الرخص ومثّلوها في خصوص أحوال الأفراد. ولم يعرجوا على أن مجموع الأمة قد تعتريه مشاق اجتماعية تجعله بحاجة إلى الرخصة كما قدمناه في فصل الرخصة (٥).

وليس القول في سدّ الذرائع ورعي المصالح المرسلة بأقلّ أهمية من القول في الرخصة. وتعلّقُهما بمجموع الأمة من خواصهما بحيث لا يفرضان في أحوال الأفراد بخلاف الرخصة.


(١) النور: ٥٥.
(٢) النحل: ٩٧.
(٣) آل عمران: ١٠٣.
(٤) المنافقون: ٨.
(٥) انظر أعلاه: ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>