للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد استعراض مختلف الآراء، وما حصل من بعض الأئمة من التوسع يقول الإمام: وقد تفاوت المجتهدون في إثبات هذا النوع الأخير (التعبّدي)، وأوشكوا بعد خوضهم في التعليل والقياس إلى اعتبار أحكام الشريعة ثلاثة:

° قسم معلّل لا محالة: وهو ما كانت علّته منصوصة أو مُومَأً إليها أو نحو ذلك.

° وقسم تعبّدي محض: وهو ما لا يُهتدى إلى حكمته.

° وقسم متوسط بين القسمين: وهو ما كانت علّته خفية، واستنبط له الفقهاء علّة (١).

[العول]

ومما دخله التعليل في زمن عمر مسألة العول في الميراث، رغم أن مقادير الفرائض مثبتة بنصّ القرآن، متلقاة عند الأمة تلقي التعبّدي من الأحكام. تدل على ذلك صورة التركة التالية: هلكت امرأة وتركت زوجها وأمها وأختها. قال العباس أو عليُّ بن أبي طالب: أرأيتَ لو أن رجلاً مات، وعليه لرجالٍ سبعةُ دنانير ولم يخلف إلا ستة دنانير، أليس يجعل المال سبعة أجزاء ويدخل النقص على جميعهم؟!. فصوَّبَهُ عمر ومن حضر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الإمام: فها هنا نراهم قد احتفظوا على معنى التعبّد في أصل إعطاء الجميع على نسبة واحدة، وفي عدم إهمال البعض من الورثة، ولكنهم لم يحتفظوا على معنى التعبّد في المقادير لتعذّر ذلك. فأدخلوا التعليل في هذا المكان خاصة.


(١) المقاصد: ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>