جملة ما وقفنا عليه في هذه المادة يمليه في الغالب حبُّ صاحب السيرة، والتشرّف بالانتساب إليه، ومحاولة التقرّب منه بدوام ذكره، والائتساء به، والتنويه به تنويهاً يملأ أفئدة الناس وأرواحهم جلالاً وجمالاً، وحباً وتقديراً، وانجذاباً وتعلّقاً. ولا يكاد يوجد عالم مؤمن أو إمام تقي ورع، إلا وذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يملأ قلبه ورُوعَه، ويمَازج عقله وفكره، ويجري على قلَمه ولسانه. وهكذا أقبل الناس على العناية بالسيرة النبوية التي إذا ما أطلقت انصرفت في التوّ إلى سيرة رسول الرحمة ونبيّ الأمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وربّما كان هذا خصيصي لبعض البيوت يتوارثها أعضاؤها، ويحافظون عليها مَنقَبَةً لهم في الخالدين، وسمةً تربطهم بعباد الله الصالحين، وعنوانَ موالاة بين أيديهم لسيد العالَمين خاتم الرسل والنبيين خير عباد الله أجمعين.
فسماحة شيخ الإسلام محمد الطاهر ابن عاشور الأول قد ارتبط برباطه الأوفى بالحضرة الشريفة النبوية بكتابه المعروف شفاء القلب الجريح بشرح بردة المديح، وحفيدُه وسميُّه قد نقل هذا اللون من الولاء لنجله الأكبر العلامة محمد الفاضل ابن عاشور صاحب كشف الذعرات بوصف الشعرات.
[مقالات الإمام الأكبر في السيرة والشمائل]
تميّز الإمام الأكبر مترجمنا بجملة من الآثار في هذا الباب نذكر منها ست مقالات وكتاباً:
١ - المقال الأول: نسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - (١).