للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الإمام الأكبر في تفسيره: فلقد جمع هذا التفسيرُ خلاصة آراء السابقين، وزبدة أفكار المعاصرين في أسلوب أدبي رفيع، وتقسيم علمي بديع (١).

ومن المفيد أن نعرّف بمنهجي الإمامين المتقدمين: فالإمام محمد عبده اعتمد أسلوباً خطابياً مقنعاً يظهر تأثيره في التصرفات القولية التي تتكوَّن منها مادة تفسيره، وفي المحاور الهامة التي كان يتناولها للاستحواذ على الجماهير من مخاطبيه وقرائه، وفي أنواع الجدل وصور المقارنة وطرق المناقشة ذات الأثر البيّن في تقديم آرائه وتركيز نظرياته التي يدعو إليها.

والإمام محمد الطاهر ابن عاشور له اتجاه آخر أساسه ثقافته الأدبية والشرعية، واتساع أفقه العلمي وتمكنه من علوم الوسائل والمقاصد جميعها، مع انتصابه للتدريس والتأليف زمناً طويلاً، وقيامه بالدعوة الإصلاحية فيهما. ويتضح موقف صاحب التحرير من آثار الأسلاف في هذا الميدان. فهو غير موقف الطاعن والذامِّ، ولكن موقف المهذب المستدرك. حمله على الالتزام بذلك مخالفته لعدد من المتقدمين كانوا، فيما صوَّرهم به، أحدَ رجلين: رجل معتكف فيما شاده الأقدمون، وآخر آخذ بمعوله في هدم ما مضت عليه القرون. وفي كلتا الحالتين ضر كثير. وهناك حالة أخرى يجبر بها الجناح الكسير وهي أن نعمد إلى ما أشاده الأقدمون فنهذبه ونزيده، وحاشا أن ننقضه أو نبيده، علماً بأن غَمضَ فضلهم كُفران للنعمة، وجحد مزايا سلفنا ليس من حميد خصال الأمة. فالحمد لله الذي صدق الأمل ويسر إلى هذا الخير ودل (٢).


(١) الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير: ٦.
(٢) التحرير والتنوير: ١/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>