للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتمد الإمام الأكبر في الأساس أغراض التفسير التي دعا إليها الله في قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (١). وقد نبه إلى ذلك في المقدمة الرابعة من تفسيره، وجعل أغراض التفسير بحسب استقرائه ثمانية (٢).

ومما جاء في هذه المقدمة قوله: فغرض المفسِّر بيانُ ما يصل إليه أو ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمل المعنى ولا يأباه اللفظ، أي من كل ما يوضّح المراد من مقاصد القرآن أو ما يتوقّف عليه فهمه أكمل فهم، أو يُخفى المقصد تفصيلاً وتفريعاً مع إقامة الحجة على ذلك إن كان به خفاء، أو لتوقع مكابرة من معاند أو جاهل فلا جرم كان رائد المفسِّر في ذلك أن يعرف على الإجمال مقاصد القرآن مما جاء لأجله، ويعرف اصطلاحَه وعاداتِه في إطلاق الألفاظ. وللتنزيل اصطلاحات وعادات تعرض صاحب الكشاف إلى شيء منها في متناثر كلامه في تفسيره (٣).

وقد رأينا من الباحثين المعاصرين الدكتور عبد الغفار عبد الرحيم يقارن بين تفسير المنار للأستاذ الإمام، وبين التحرير والتنوير للإمام الأكبر. فعجبنا من اعتباره صاحب التحرير جارياً على المنهج الذي اختاره الإمام محمد عبده، وجرى عليه أبناء مدرسته مثل السيد محمد رشيد رضا والشيخ عبد القادر المغربي والشيخ محمد مصطفى المراغي وأمثالهم. ثم أظهر التردد في ذلك عند قوله عن الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور: إنه أحد أبناء هذه المدرسة ولكن على نمط آخر فريد. ويكشف عن إصابته وجه الحق بعد هذه المقالة بقيامه في كلمة موجزة بالمقارنة بين الأثرين. وذلك حين يقول


(١) ص: ٢٩.
(٢) التحرير والتنوير: ١/ ٤٠، ٤١.
(٣) التحرير والتنوير: ١/ ٤١، ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>