للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقطار المشرق مثل مصر والشام وعراق العجم الهند والصين وناحية الشمال وأقطار ما وراء البحر الرومي لمّا كثر عمرانها كثر المال فيها، وعظمت دولهم، وتعددت مدنهم وحواضرهم، وعظمت متاجرهم وأموالهم. فإنه بلغنا عنهم في باب الغنى والرَّفَه غرائب تسير الركبان بحديثها، وربما تُتَلقى بالإنكار في غالب الأمر. ويحسب ما يسمع من العامة، يعزون ذلك لزيادة أموالهم، أو لأن المعادن الذهبية والفضية أكثر بأرضهم، أو لأن ذهب الأقدمين من الأمم استأثروا به دون غيرهم. وليس كذلك فمعدن الذهب من بلاد السودان. وهي إلى بلاد المغرب أقرب، وجميع ما في أرضهم من البضاعة فإنما يجلبونه إلى غير بلادهم للتجارة. فلو كان المال عتيداً موفوراً لديهم لما جلبوا بضائعهم إلى سواهم يبتغون بها الأموال، ولاستغنوا عن أموال الناس بالجملة" (١).

وهذا الوضع من الرخاء والرَّفَه مما يقتضيه العمران. فالعمران يظهر النقود بالأعمال الإنسانية فيزيد منها أو ينقصها.

[النقود عند ابن القيم وابن عابدين]

إلى جانب نظرة المؤرخين للنقدين يذكر الفقهاء كابن القيم في إعلام الموقعين شيئاً عنهما أثناء حديثه عن ربا الفضل. ومن ذلك قوله: "فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات. والثمن هو المعيار، به يُعرف تقويم الأموال. فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض، إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات بل الجميع سلع. وحاجة الناس إلى الثمن يعتبرون


(١) ابن خلدون. المقدمة: ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>