للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهما في بعض الأحيان، فهما الذخيرة والقِنية وأصل المكاسب" (١).

وأودع صاحب المقدمة في هذا الفصل حقائق كثيرة تُصوّر مدى علاقة النقود بالقدرة الإنتاجية للدولة، والعلاقة بين الرخاء وسرعة تداول النقود. وأبرز لنا خاصية النقود بقوله: "وإن اقتنى سواهما في بعض الأحيان فإنما هو لقصد تحصيلهما بما يقع في غيرهما من حوالة الأسواق التي هما عنها بمعزل". وبهذا يقرّر خاصيات الثبات النقدي للنقدين: الذهب والفضة، ويشير إليه بقوله: "إن للذهب والفضة وظيفتين هامتين، فهما الذخيرة والقنية لأهل العالم في الغالب، كما أنهما القيمة لكل متموّل"، وبنى على ذلك "أن الناس اتخذوهما أداة للمبادلة والادِّخار".

وحدد ابن خلدون العلاقة بين النقود وبين القدرة الإنتاجية للدولة، وصرح في غير تردد: "أن الأموال من الذهب والفضة والجواهر والأمتعة إنما هي معادن ومكاسب كالحديد والنحاس والرصاص، وسائر العقارات والمعادن. والعمران يظهرها بالأعمال الإنسانية ويزيد فيها أو ينقصها. وما يوجد منها بأيدي الناس فهو متناقل متوارث. وربما انتقل من قطر إلى قطر أو من دولة إلى دولة أخرى بحسب أغراضه والعمران الذي يستدعي له".

وهو لا يلبث أن يحدثنا عن أن أكثرية الاقتصاد يقوم على تبادل المنفعة والحصول على الذهب والفضة ابتغاء الحصول بهما على سلع أخرى. وأن هذا رهين بنشاط الدولة ومن لنظرها من أرباب الأموال وأصحاب المهن والصنائع. يشهد لهذا قوله: "إن


(١) ابن خلدون. المقدمة: ٣٨٠ - ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>