للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقا لغيرهما لا لنفسيهما، وذلك قوله: "إذ لا غرض في عينيهما".

ولفتة أخرى إلى حجة الإسلام ترينا كيف توصل إلى تفسير صعوبات المقايضة، فهو يقول في معرض حديثه: إن كل إنسان محتاج إلى أعيان كثيرة في مطعمه وملبسه وسائر حاجاته. وقد يعجز عما يحتاج إليه ويملك ما يستغني عنه.

ويحدد بعد هذا نِسب التبادل، ويطرح صعوبة تجزئة السلع والخدمات على أساس أن السِلع تختلف من حيث حجمُها وطبيعتُها. فبعض السلع لا تقبل التجزئة لكبر حجمها، وهو ما يشكل عقبة في سبيل إتمام التبادل.

وتناول المقريزي نفس القضية في كتابه إغاثة الأمة بكشف الغمة قائلاً: "إن النقد [يريد المعدنين الذهب والفضة] أمر أساسي في حياة المجتمعات، يتخذ أساساً لتعيين ثمن المبيعات وقيم الأعمال. وقد لازم الناس من قديم الزمان في سائر البلدان، ولا يُعلم خبر صحيح ولا سقيم، عن أمة من الأمم ولا طائفة من طوائف البشر، أنهم اتخذوا في قديم الزمان ولا حديثه نقداً غيرهما" (١).

ولِما انتاب المجتمعات من نوائب، وحدث بها من تضخم في الأسعار، انتُقل في التعامل من اعتماد المقايضة إلى استعمال النقود.

وتعرض عدد آخر من علماء ومفكري العرب والمسلمين لقضية النقود من جوانب مختلفة، نذكر منها مقالة عبد الرحمن بن خلدون: "الكسب هو قيمة الأعمال البشرية. وأن الله تعالى خلق الحجرين المعدنيين من الذهب والفضة قيمةً لكل متموّل، وإن اقتني


(١) المقريزي. إغاثة الأمة بكشف الغمة: ٤١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>