للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نقدها وبيان فسادها، ولكنها محدودة العدد لا يظهر منها إلا القليل النادر الفينة بعد الفينة.

ويعلق الإمام الأكبر على هذه الظاهرة بقوله: "فأصبحت قلّة هؤلاء وكثرة أولئك وبالاً عظيماً على العلم. وهو أصل تشعب الناس في العلوم، وسبب ابتهاج كل فريق بنصيبه منها. وفي هذا يكمن أحد سببي تأخر العلوم. وهما وجود مسائل لا حاجة إليها يطال بها التعليمَ، وهي ليست من العلم في شيء، مستمدةٌ من فنون أخرى تذكر لأدنى علاقة، وإهمال مسائل وعلوم مهمة وقع إغفالها أو الانصراف عنها لسبب من الأسباب المرفوضة الواهية" (١).

ولتفصيل هذه المعاني وتقريرها أتبع الشيخ ابن عاشور ما تقدم من ملاحظات حول العلم: حقيقته والغاية منه بعامة، وحول العلوم الإسلامية وانقسام الطلاب إزاءها حسب ميولهم وأهوائهم، بذكر جملة أسباب عامة اقتضت ضعف طلب العلم وتأخر العلوم، بقصد تجنّبها وتلافي الوضع الشائن الذي هبطت إليه. وقد جعل منها، على سبيل التمثيل لا الحصر ولا الإحاطة، أربعة عشر سبباً فرعياً تعرض للعلوم وطرق مزاولتها.

[الأسباب العامة لضعف التعليم وتأخر العلوم]

إن هذه الأسباب متنوّعة بين اجتماعي ومنهجي وتصنيفي.

فمن الأسباب الاجتماعية:

أولاً: توقيت سير العلم بسبب ما عرض لبعض الدول كالدولة العباسية من اهتزازات وأزمات وفتن. فلم يَعدُ اللاحقون ما حرّره


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>