للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - الفتوى الترنسفالية

(حكم أكل الموقوذة ولباس القبعة)

إن مجال تقرير الأحكام في الفقه الإسلامي في هذا العصر، وفتوى الناس فيما يقصرون عن معرفة حكم الله فيه، يتطلّب من المنتصب لهذا المهم تحريراً لمناط الحكم، وتحقيقاً أو حرصاً على إيراد الأدلة القوية الثابتة على صحّته باستمدادها من الكتاب والسنة، وعدم معارضته أو مناقضته للقواعد العامة المعتبرة في الشرع، وأن تكون فتواه بما يراه أقوى دليلاً، وأقوم قيلاً، وأنفى للحرج على المسلمين. وذلك مع الالتفات إلى مقصد الشارع من الحكم وإلى حكمته في تشريعه. وهذا هو منهج المحقّقين من الفقهاء المجتهدين في الدين، الملتزمين بالحق، لا يثنيهم عمَّا قام عليه البرهان لديهم أيُّ رأي أو اتجاه مخالف مهما كان مصدره، ولا يمنعهم من الإعلان عما توصلوا إليه بعدَ النظر، وأيقنوا أنه الحق الذي تطمئن إليه نفوسهم، وإن نازعهم المقلدون هذا الرأيَ، أو خالفهم فيه العابثون بالدين، المناوئون لهم، المتحاملون عليهم.

وأمام تعدد الآراء واختلافها قديماً وحديثاً، وعدم الانصياع أحياناً كثيرة لما هو مقتضى الدرس، ونتيجة البحث والتبصر، وأمام غلواء المكابرين والمعاندين، ورفضهم كلّ الآراء في القضايا المستجدّة إذا خالفت ما اعتادته العامة أو أنكرته الخاصة من المقلّدة، بحكم التزمت والجمود، يبتعد الناس عن الصواب، وتنشأ النزاعات والفتن، وتحتجب الحقائق، وتنتشر الغَواية والضلال يحكمهما الهوى المتَّبَع.

ولتصوير منهج الإمام الأكبر في فتاواه، نقدم نماذج من آرائه المساندة لما يراه من حق، أو تقضي به الملابسات والظروف

<<  <  ج: ص:  >  >>