للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دعاة التجديد في البلاد العربية]

[رفاعة الطهطاوي]

أما التيار الأول فعنوانه فتى أزهري من تلامذة الشيخ الطُّلعة حسن العطار. كان يزعم أن بلاده لن تتغيّر أحوالها أو يوجد بها من المعارف ما ليس فيها. ولاعتقاده الجازم بذلك رشح فتاه لمحمد علي باشا للمشاركة في أول بعثة طلابية، سافرت إلى باريس سنة ١٨١٦، وجعله إماماً لها. وهكذا تسنّى لرفاعة الطهطاوي ١٢١٦ - ١٢٩٠/ ١٨٠١ - ١٨٧٣ أن يغادر البلاد المصرية، وعمره خمسةٌ وعشرون عاماً، وأقام بفرنسة خمس سنوات، أفاد منها أية إفادة: أتقن فيها اللغة الفرنسية، واكتشف أسرار النهضة والتفوق والتقدم والمدنية، وشعّ بمعارفه المكتسبة الجديدة ما يُغيّر به الحياة فيما حوله، ويدعو إلى بناء مجتمعات متطوّرة في بلاده وغير بلاده من أطراف العالم الإسلامي.

ولقد نظر مشدوهاً إلى المجتمع الجديد الذي احتضنه ضيفاً زائراً، وأدرك عن كثب ما بلغه ذلك المجتمع من مراتب البراعة في العلوم الرياضية والطبيعية. ثم قارن هذا الوضع بما كانت عليه البلاد الإسلامية من تعلّق بالعلوم الشرعية والعمل بها، وبالعلوم العقلية، مع إهمالها كُلِّياً للعلوم الحكمية وانصرافها عنها بجملتها (١). وهكذا تجلّت له الفوارق واتّضحت له النتائج. فالفرنجة إنّما قوِيت شوكتهم


(١) رفاعة رافع الطهطاوي. تخليص الإبريز: ٨ - ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>