للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعاقبة. فلمَّا عصَوا الأمر وأخرجوا بعضَ قومهم، ثم عاملوهم معاملة الأمم العدوة، فحاربوهم وأسروهم ولم يطلقوهم إلَّا بعد أن أخذوا عليهم الفداء، نعى عليهم ذلك لأن المفاداة تقتضي أنهم اعتبروهم غرباء في أوطانهم، أرقاء عندهم، حتى يفدوا أنفسهم فيقروهم.

وذم أيضاً الذين أخذوا يسألون التوقيف في حكم كل مسألة كما جاء في قصّة البقرة. وقد بيناه في مبحث تجنب التحديد والتفريع من هذا الكتاب (١).

فالاجتهاد فرض كفاية على الأمة بمقدار حاجة أقطارها وأحوالها. وقد أثِمت الأمة بالتفريط فيه مع الاستطاعة ومِكْنة الأسباب والآلات (٢) *. وقد اتفق العلماء على أنه مما يشمله الأمر في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٣)، وقوله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} (٤). وشهاب الدين القرافي يقول في كتاب التنقيح في باب الإجماع: "لو لم يبق مجتهد واحد والعياذ بالله" (٥) *.


(١) انظر أعلاه: ٣٨٥.
(٢) * يعد آثماً في ذلك العلماء المتمكنون من الانقطاع إلى خدمة التفقه الشرعي للعمل في خاصة أنفسهم. ويعد آثماً العامة في سكوتهم عن المطالبة بذلك، بل وفي إعراضهم عمّن يدعوهم إليه إذا شهد له أهل العلم، ويعد آثماً الأمراء والخلفاء في إضاعة الاهتمام يحمل أهل الكفاءة عليه. اهـ. تع ابن عاشور.
(٣) التغابن: ١٦.
(٤) الحشر: ٢.
(٥) * انظر: الفصل الرابع من باب الإجماع من التنقيح [٣٤١ - ٣٤٣]. اهـ. تع ابن عاشور.

<<  <  ج: ص:  >  >>