وهذه الجوانب هي التي تَلِجُ بنا أعماق العِلْم الإسلامي، وتبصرنا برجالاته، وتجعلنا واعين مع التحقق والجزم بما كان بين هذا الإمام وبين نظرائه من رجال العلم الإسلامي من تجاوب. فهو بذلك خاتمة المحققين، وشاهد صدق على ما أماط عنه أثناء دراساته وبحوثه الكثيرة المتنوعة، من ثراء وخصب وجودة وإبداع وصلاحية وحِكمة اتسمت بها شريعة الإسلام.
وإن صُحبتنا للمؤلف، بعد الإشارة إلى جملة من المسائل والفروع التي ضمّنها كتاب المقاصد، لتحملنا بعد إمعان القراءة، على الاحتراز من أوضاع أنكرها، وعلى التأمل في أصول ومناهج اعتمدها، وقضايا ومشاكل جمعها ثم ميّز بينها، والإفادةِ من آرائه وتوجيهاته وتنبيهاته لنا. فتلك إذن أربعة محاور تصوّر علاقاته بالعلماء ورجال الفقه والشريعة من حوله:
موقف الشيخ ابن عاشور من بعض المذاهب الفقهية وطائفة من الفقهاء:
ما كان ينكره الشيخ على بعض المذاهب والعلماء والفقهاء.
(١) من ذلك قوله عن أصول الظاهرية: "فأنت إذا نظرت إلى أصولهم وجدتهم يوشكون أن ينفوا عن الشريعة نوط أحكامها بالحِكمة؛ لأنهم نفوا القياس والاعتبار بالمعاني. ووقفوا عند الظواهر فلم يجتازوها".
وأهل الظاهر برفضهم القياس يقعون في ورطة التوقّف عن إثبات الأحكام فيما لم يرد فيه عن الشارع حكم من حوادث الزمان. وهو موقف خطير يُخشى على المتردِّي فيه أن يكون نافياً عن شريعة