للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتساب ولده إليه لسمرته: فلعل ابنك هذا نزعةُ عرق (١). استدل ابن حجر به لصحة القياس. وقال الخطابي: هو أصل في قياس الشبه. وقال ابن العربي: فيه دليل على صحة القياس والاعتبار بالنظير (٢).

ومما استدل به المثبتون للقياس قول البزدوي: وعملُ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومناظراتُهم في هذا الباب أشهر من أن يخفى على عاقل مميز. فإن طعن طاعن فيهم فقد ضلّ عن سواء السبيل ونبا عن الإسلام. ومن ادعى خصوصهم ادعى أمراً لا دليل عليه، بل الناس سواء في تكليف الاعتبار (٣).

ومن استدلالهم بالنقل قولهم: إن القياس لا يترتّب على وقوعه محالٌ لذاته ولا لغيره. وكل ما كان كذلك كان جائزاً عقلاً. فالتعبّد بالقياس جائز عقلاً. ومن ذلك ما في التعبّد بالقياس من مصلحة لا تحصل بدونه. وكل ما كان كذلك فهو جائز عقلاً. فالتعبّد بالقياس جائز عقلاً وكان أبو الهذيل العلاف من أشد الناس انتصاراً للقياس، وإلى الاجتهاد بالرأي في الأحكام (٤).

وأما المعارضون للعمل بالقياس فلم يكن داود الظاهري أوَّل من وقف موقفهم من المثبتين للقياس، بل سبقه إلى ذلك النظَّام. وهو وإن لم يكن ينكر أن الشريعة شرعت لأسباب ومقاصد لكنه ينكر على العقل البشري قدرَته على معرفة كنهها. وهو لا ينكر أن العلّة النصِّيَّة توجب الإلحاق، ولكن لا بطريق القياس بل بطريق اللفظ


(١) الحديث متفق عليه. وهو من أقيسةِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -. خَ: ٦/ ١٧٨؛ مَ: ٢/ ٢٣٣.
(٢) ابن حجر: الفتح: ٩/ ٤٤٤.
(٣) أصول البزدوي: ٣/ ٢٨٠ - ٢٨٢.
(٤) فرغلي. بحوث في القياس: ٢٨٣ - ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>