للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنوازلَ حلَّت، وهي أيضاً بمنزلة الأمثلة والنظائر لفهم الكليات.

ففي القرآن جزئيات تساوي الجزئيات التي وردت في السنة مثل قوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (١)، وقوله: {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (٢)، وفيه التشريعات المنسوخة تماماً (٣) لكن الغالب على أنواع التشريع منه هو النوع الكلّي.

وأما السنة فقد أحصاها العلماءُ من الصحابة، ومن تلقّى منهم. واختلفت الدواعي للإحصاء، كما اختلفت الشروط في القبول. فكان في معظمها تشريعاتٌ جزئية لأنّها في قضايا عينية، وكان فيها تشريعات كلية واضحة صالحة لأن تكون أساسَ التشريع. فمن أجل ذلك لم يكن للمجتهدين غُنية عن تقسيم التشريع إلى قسميه، وعن صرف جميع الوُسع من النظر العقلي في تمييز ما اشتمل عليه الكتاب والسنة من موارد التشريع، وإلحاق كلّ نصّ بنوعه. وهذا عمل عظيم ليس بالهيّن. وقد بذل فيه سلف علمائنا غاية المقدور، وحصلوا من البصيرة فيه على شيء غير منزور.


(١) النور: ٢.
(٢) النساء: ٣٤.
(٣) مثاله قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} النساء: ١٥، فإن هذا الحكم وهو الحبس في البيوت لم يبق حداً للزنى. وقوله: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} البقرة: ٢٤٠، فإن عدة الوفاة لم تبق حولاً. وقوله: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} المجادلة: ١٢، نسخ حكمها قوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} المجادلة: ١٣، وقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} البقرة: ١٨٤، حيث نسخ حكم التخيير بين الصوم والفدية بقوله: {فَلْيَصُمْهُ}. السرخسي. أصول: ٢/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>