للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا كَافِرِينَ} (١). وفي الحديث: "وسكتَ (أي الله) عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها" (٢)، وفي الحديث: "إن شر الناس من سأل عن شيء فحُرِّم من أجل مسألته" (٣).

[وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يكتبوا عنه غير القرآن، لأنه كان يقول أقوالاً، ويعامل الناس معاملة هي أثر أحوال خاصة قد يظن الناقلون أنها صالحة للاطراد مثل حديث: "قضى بالشفعة للجار". قال علماؤنا لا حجة فيه لاحتمال خصوصية لذلك الجار. أي بأن صادف كونه شريكاً وجاراً فظن الراوي أن القضاء له لأجل الجوار] (٤).

وكان مالك يكره افتراض النوازل للتفقّه، ويقول لمن يسأله عن حادثة مفروضة الوقوع: دعها حتى تقع (٥).

غير أن القرآن لما أنزل في أحوال مختلفة الصور، وكان المقصد منه إرشاد الأمة إلى طرق من الإرشاد كثيرة، وكان المقصد من لفظه الإعجاز، نجده قد اشتمل على أنواع من أساليب التشريع. ففيه التشريع العام الكلِّي، وفيه التشريعات الجزئية النازلة في صورة أحكامٍ


(١) المائدة: ١٠١ - ١٠٢.
(٢) تقدم: ٢٧٠/ ٢.
(٣) هو حديث ابن أبي وقاص. وورد بلفظ: "إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يُحرّم فحُرِّم من أجل مسألته". انظر: ٩٦ كتاب الاعتصام، ٣ باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، ح ١. خَ: ٨/ ١٤٢؛ انظر ٤٣ كتاب الفضائل، ٣٧ باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، ح ١٣٢، ١٣٣. مَ: ٢/ ١٨٣١؛ انظر ٣٤ كتاب السنة، ٦ باب لزوم السنة، ٤٦١٠، دَ: ٥/ ١٦ - ١٧.
(٤) الإضافة من ط. الاستقامة: ٩٩ لكن المؤلف ضرب عليها بخطه.
(٥) وكان ذلك منه لكثرة خوفه من الله تعالى والحياء منه أن يراه يفتي بغير مراده سبحانه. الراعي. انتصار الفقير السالك: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>