الثاني: دعوى أن مقصد الشارع ليس في هذه الظواهر ولا ما يفهم منها، وإنما المقصود أمرٌ آخرُ وراءه. ويطّرد ذلك في جميع الشريعة حتى لا يبقى في ظاهرها متمسك تعرف منه مقاصد الشارع. وهذا رأي كل قاصد لإبطال الشريعة وهم الباطنية.
الثالث: أن يقال باعتبار الأمرين جميعاً، على وجه لا يخل فيه المعنى بالنص ولا العكس، لتجري الشريعة على نظام واحد لا اختلاف فيه ولا تناقض. وهذا الذي أمَّه أكثر العلماء.
فنقول: إن مقصد الشارع يعرف من جهات:
إحداها: مجرد الأمر والنهي الابتدائي التصريحي. فإن الأمر كان أمراً لاقتضائه الفعلَ، فوقوع الفعل عنده مقصود للشارع، وكذلك النهي في اقتضاء الكف.
الثالثة: أن للشارع في شرع الأحكام مقاصد أصلية ومقاصد تابعة. فمنها منصوص عليه، ومنها مشار إليه، ومنها ما استُقرئ من المنصوص. فاستدللنا بذلك على أن كل ما لم ينص عليه مما ذلك شأنه هو مقصود للشارع". انتهى حاصل كلامه.