للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذّمة، وهو سبب كافٍ للحيلولة دون رواجه؛ والنهي عن الاحتكار الذي بسببه يقلّ الطعام في الأسواق، وفيه من التضخّم ومن أسباب الإضرار بالناس ما فيه. ومن أجل هذا اعتبر الشارع الرواج وتيسير تناول المبيعات مقصداً ثابتاً من مقاصد الشريعة.

والطريق الثاني يُتوَصَّلُ به إلى تعيين المقصد الشرعي ورفع الخلاف عند الجدل فيه. ويتكوّن من انضمام ظنّية الدلالة إلى قطعيّة المتن. ومثّل لهذا بجملة من الآيات جاءت إما مصرّحة بالمقصد الشرعي، وإما منبّهة إليه. قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (١)، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٢)، وقال تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٣).

والطريق الثالث يقوم على الاعتداد بالعمل الشرعي القريب من المعلوم بالضرورة. وهذا كمشروعية الصدقة الجارية المعبّر عنها بالحبس.

تلك هي الطرق الثلاثة التي يعيّن بها المقصد الشرعي عند الأئمة الفقهاء.

ويلفت الشيخ ابن عاشور الأنظار إلى جهات طلب المقاصد التي تتحقّق بها معرفة تلك الطرق. ويحدد الجهات الثلاثة لذلك قائلاً:

هي: (١) الأمر والنهي الابتدائيان، (٢) عللهُما، (٣) ما يقع بين أيدي الفقهاء من مقاصد شرعية كالأصلية، والتابعة.

وهذه المقاصد الأصليّة والتابعة واردة في الشرع إما بالنصّ عليها، وإما بالإشارة إليها، وإما بما يكونُ مِن استقرائها من النصوص (٤).


(١) سورة فاطر، الآية: ١٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٥.
(٣) سورة الحج، الآية: ٥٦
(٤) المقاصد: ٥٦ - ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>