للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتحدث المؤلف عن حرية الفكر مما يشمل التفكير في الآراء العلمية، والتفقه في الشريعة، والتدبير السياسي، وشؤون الحياة العادية. وهذا النوع من الحرية لا يكاد يستقل بنفسه لارتباطه الوثيق بالقول أو العمل. وهو لا يرى في هذا تحجيراً، إذ يتعذّر كَبتُ الفكر عن الحرّية في المعقولات والتصوّرات والتصديقات. وأعلى مراتب هذه الحرية حرية العلم، أي فهم قواعد العلم المدوّنة. وعلى هذا الوضع من إطلاق الرأي والنظر في العلم في دائرة الأصول الإسلامية نشأ المجتمع الإسلامي في القرنين الأولين، فلم يُرح أحد عن رأي أو نِحلة، ولكنّه إن أخطأ أحد يُبين له خطؤه أو تقصيره بالتي هي أحسن، نصيحة له وتهذيباً، إلا إذا تبيّن منه قصد التضليل. وما حدث في التاريخ بين أهل النحل من نزاع وهرج إن هو إلا انحراف عن الجادة ناشىء في الأخلاق وظاهر في التعصّب، وفي الإفراط في التعصّب: وأكثره لا يخلو من إغراء الدعاة وأهل المطامع (١).

وحرّية القول تقوم أساساً على الصدق في الأخبار. "فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون عند الله صدِّيقاً. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا" (٢). وأعظم مظاهر حرية القول في الإسلام حرية القول في تغيير المنكر.

وحرية العمل أصل أصيل في الإنسان، ومقصد مهم من أصول النظام الذي وضعه الشارع للمجتمع الإسلامي، تدل على ذلك


(١) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ١٧٤ - ١٧٥.
(٢) المرجع السابق: ١٧٥ - ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>