الثاني: الأحكام الشرعية التي لا يظهر للعباد في تشريعها حكمة غير مجرد التعبّد.
وذهب أكثر العلماء إلى أن المشروعات من التَعبُّديات كانت لحكمة. ودليل ذلك استقراء تكاليف الله على كونها جالبة للمصالح دارئة للمفاسد.
وتقدم للشاطبي ممّا أوردناه من قوله:"إن كل الأحكام الشرعية معلّلة بمصالح العباد في الدنيا والآخرة". وهذا مذهب المعتزلة واختيار أكثر الفقهاء المتأخّرين.
وقال ابن القيم: شرع الله العقوبات ورتّبها على أسبابها، جنساً وقدراً. فهو عالِم الغيب والشهادة وأحكم الحاكمين وأعلم العالِمين. أحاط علماً بوجوه المصالح دقيقها وجليلها، خفيِّها وظاهرها، ما يمكن اطلاع البشر عليه وما لا يمكنهم. وليست التخصيصات والتقديرات خارجة عن وجوه الحِكم والغايات المحمودة، كما أن التخصصات والتقديرات الواقعة في خلقه كذلك (١).
أما الغزالي فقد بيّن حكم تشريع التعبّديات بقول مجمل غير مفصّل، قال: وظّف الله على العباد أعمالاً لا تأنسُ بها النفوس، ولا تهتدي إلى معانيها العقول. وبها يظهر كمال الرق والعبودية لله.
وأكثر ما يكون من التعبّديات في أصول العبادات، وفي نَصب أسبابها، وفي الحدود والكفارات، وفي التقديرات العددية بوجه عام.
وقال العزّ بن عبد السلام: يجوز أن تجرد التعبديات عن جلب المصالح ودرء المفاسد. ثم يقع الثواب عليها، بناء على الطاعة