للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبودية جمعاً بين نشر الحرية وحفظ نظام العالم. وذلك بإيقاف أسباب كثيرة من أسباب الاسترقاق، وقصره على سبب الأسْرِ خاصة. فأبطل الاسترقاق الاختياري، والاسترقاق لأجل الجناية، والاسترقاق في الدَّيْن، والاسترقاق في الفتن والحروب الداخلية، واسترقاق السائبة. وعالج الإسلام الرق الموجود بجميع أنواعه بروافع تدفع ضررَه.

ومن معاني الحرية المعدودة في مقاصد الإسلام، تعلّق الناس بأصولهم في معتقداتهم وأقوالهم وأفعالهم مما يخوَّل لهم الشرعُ التصرّف فيه. وقد جعل الشيخ ابن عاشور من هذا عدداً من الحريات نذكر منها:

أولاً: حرية الاعتقاد القائمة على إبطال المعتقدات الضالَّة التي يُكرِه دعاةُ الضلالة أَتباعَهم ومريديهم على اعتقادها دون فهم ولا هدى ولا كتاب، ونفيُ الإكراه في الدين، والسماحُ بإقامة البراهين على العقيدة الحق، وحُسن مجادلة المخالفين وردُّهم حين الجدل إلى الحق بالحِكمة والموعظة الحسنة.

ثانياً: حرية الأقوال في التصريح بالرأي والاعتقاد في منطقة الإذن الشرعي. وشاهد هذا قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١)، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان" (٢).

ومنها حرية الأعمال وتدخل في كل مباح. وليس أحد أرفق


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٠٤.
(٢) انظر المقاصد: ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>