للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القمع والقهر والإذلال والمحق، التي قام بها في شدةٍ وعنفٍ المستعمرون، وجيشُ الاحتلال ضدَّ منزوعي السلاح المواطنين الذين لا يملكون من الأمر شيئاً. ومرّت إثر ذلك فترة كان يتربّص فيها التونسيون الدوائر بجنود الفرنجة انتقاماً لأنفسهم، ورداً على المظالم التي كانت تقوم بها سلطة الاحتلال الأجنبي من صنوف الإرهاب الحكومي المسلط على المواطنين المناهضين لقوى الغدر والبطش: يقطعون ألسنتهم، ويخلعون قلوبهم، ويبعثون في أجسامهم وأطرافهم الرعشة والرجفة.

وإنَّا إذا عُدنا إلى الإمام الأكبر الشيخ ابن عاشور المنحدر من تلك الأسرة المؤمنة، المحافظة، المتمسّكة بدينها وعقيدتها، وإلى ما يجمّلها به دينها من هداية ربانية أساسها التربية الدينية، نلفي من كبير أنجالها الاعتماد الدائم على الكتاب والسُّنة مصدري التوجيه والتشريع، وشعار الحق والصدق والعدل لدى المؤمنين. وقد ألفينا أقطاباً ساعدوه على ذلك من الداخل والخارج منهم الأساتذة: شيخ الإسلام الشيخ سالم بوحاجب ذاك المصلح الفقيه والإمام المحدّث والعالِم اللغوي الضليع، ثم الأستاذ الإمام محمد عبده الذي التقى به عند زيارته الثانية لتونس، وهو مَن هو الداعية إلى النهضة التي شملت الأمةَ وأقطارَ البلاد وامتدت خدماتها للتعليم بالأزهر، وإلى ترتيب وتنظيم وزارة الأوقاف المصرية، والقضاء الشرعي، وترتيب درجاته بما يضمن حقوق القضاة ومصالح المتقاضين.

وكانت معرفة شيخنا بالأستاذ الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية سابقة لقاءَه بما وقف عليه من مقالاته الدعوية والإصلاحية التي كانت تُنشر بمجلة العروة الوثقى. وهكذا أصبحت سيرته اللامعة

<<  <  ج: ص:  >  >>