كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية

القسم الثاني شيخ الإسلام شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور - درجاته العلمية وعمله في التدريس - ج: 1 - ص: 165

وموضوعه: بيع الخيار (١).

وارتقت به همته العالية إلى العناية بجملة من الفنون، كان موفّقاً في الوقوف على دقائقها، مبرّزاً في استخلاص مقاصدها، متعاملاً مع مصادرها تعامل من تعدّدت مواهبه، واتسع أفقه الفكري. وكان قديراً، لا على الإحاطة بالمادة والكتاب بترديد ما علمه من ذلك فحسب، بل على النظر والمشاركة والنقد أيضاً لكل ما يقع تحت يده، وذلك بما خصّه الله تعالى به من سَعَة العارضة، وقوة الذاكرة، ودقة المقارنة والمناظرة بين مختلف المراجع والأقوال والآراء العلمية.

درّس الشرح المطوّل للتفتازاني، وكتاب دلائل الإعجاز للجرجاني في البلاغة، وشرح المَحَلّي لجمع الجوامع للسبكي في أصول الفقه، ومقدمة ابن خلدون، وهي كما لا يخفى من أمهات الكتب في نقد التاريخ وأصول علم الاجتماع، وديوان الحماسة لأبي تمام. ودرّس أيضاً في الحديث موطأ الإمام مالك، وأقرأ تفسير البيضاوي بحاشية الشهاب (٢).

وقد تخرّجتْ بشيخنا العلامة محمد الطاهر ابن عاشور أجيالٌ كثيرة، كانت تجلس إليه في حلقة درسه بالمسكبة الأخيرة من بيت الصلاة بجامع الزيتونة، وكان مقرّ دروسه بين أبواب البلّور على مقربة من باب الشفا بجوار حلقة شيخه مقدَّم علماء الحنفية الشيخ محمد بن يوسف. فكانا رأس أئمة العلم بهذا المعهد، يحتشد الطلاب في حلقتيهما، يجلسون أسماطاً على شكل بيضوي دائري حول شيخيهما.

---

(١) محمد محفوظ. تراجم المؤلفين التونسيين: ٣/ ٣٠٤.
(٢) محمد الخضر حسين. تونس وجامع الزيتونة: ١٢٥؛ الإجازة الفاضلية. دفتر دروس الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة: ١٥.