للاقتصاد العربي فيما عدا معظم الأقطار النفطية. وهي، وكأنها قد نشأت بالبلاد العربية، وانتشرت منها إلى بلاد العالم، تشهد لِذلك السدود والقنوات القديمة في بلادنا: بمصر وبلاد الرافدين وديار الشام واليمن السعيد وليبية وأنحاء متفرقة من الجزيرة العربية. وهي اليوم بسبب التحولات والعوارض الطبيعية من جفاف وتصحُّر وأمطار إعصارية ونحوها فقدت نضارتها وتدنَّت ثروتها.
ثالثاً: أن الكثير من شعوبنا بسبب الفقر والجهل بالوسائل الحديثة ما يزال يعتمد الطرائق البدائية في الفلاحة، مبقياً على الزراعة التقلدية المتخلّفة، التي تقوم على الحيوان وعضلات الإنسان. فإن المزاحمةَ الصناعية تهدّدها، وعليها أن تطلب المخصّبات لزراعتها، وتحرص على إيجاد المدخلات الزراعية، وتنشئ من الآلات ما يوفر عليها الطاقة والإنتاج، وتهتم بمكافحة الحشرات الضارة، وتطبيق أحدث المبتكرات العلمية والتكنولوجية كما في البلاد المتطوّرة. وإنما يبدأ هذا بإصلاح الأراضي الزراعية، وإنشاء أطر فنية تكون عنواناً على مدى حضارة الفلاح وقدرته. فوجود الأرض وحدها لا يغني، ولكن رؤوس الأموال والبذل والتحديث والخبرة هي التي تحيي الموات، وتغير وجه الأرض وترفع من مداخيلها وريعها (١).
ولا بد أن نقتبس مما قدمنا توجيهاً وتنويراً. فإن العرب والمسلمين بتداول العصور واختلاف الأوضاع واختلالها أصبحوا عاجزين معدمين، سواء في ذلك أسرهم وأفرادهم، شعوبهم أو جماعاتهم. وقد تفشّى مع العوز والحاجة التشكي مما آلوا إليه. وقامت في وجوههم الصعاب والمشاكل المعقدة. وهذه لمن يشعر