للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن أيّما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف فذلك ضيف عمر. فليبع كيف شاء وليمسك كيف شاء" (١).

وهكذا نظرت الشريعة الإسلامية إلى الاحتكار من زاوية المصلحة العامة للناس. وجعلت منه محرّماً ومذموماً. نهت عنه وحرّمته على الفرد والدولة، لما فيه من تضييق على الناس في معيشتهم وإضرارٍ بهم. وأباح النظام الرأسمالي الاحتكار للفرد، وبنى عليه نظامه، وأباحته الاشتراكية للدولة (القطاع العام) توفيراً لمواردها المالية ومداً لخزائنها بما تحتاج إليه من موارد (٢).

هذا وإن في الاحتكار لَمَا يحمل على الهرج والمرج والفتنة. يثير القُوى الشعبيةَ والأفرادَ على تتبع أصحاب هذا العدوان بما ينشرونه من ظلم وكيد. فهو يفضي إلى الخلل والفساد. وبين القصد من البيع والشراء، والقصد من الاحتكار في المعاملات والتجارات وردت الأحكام مشجعة على ضروب الخير في التعامل، ومقاومةِ التصرّفات الظالمة لما تُلحقه بالخاصة والعامة من أضرار.

وواجهت هذا المنكر والتصرّف الخطير تشريعات إسلامية متنوعة. قضت بإبطال الاحتكار وإبطال ما يترتب عليه من نتائج، جاعلة المقصد الأعظم في المعاملات رواج الأموال، وحماية المجتمع


(١) يبدأ هذا الأثر بقول عمر: لا حكرة في سوقنا، وبدَل: فليبع كيف شاء وليملك كيف شاء: فليبع كيف شاء الله. وليمسك كيف شاء الله. وهو بلاغ وقع لمالك عن ابن الخطاب. ٣١ كتاب البيوع، ٢٤ باب الحكرة والتربص. الحديث ٥٦. طَ: ٢/ ٦٥١.
(٢) د/ قحطان عبد الرحمن الدوري. الاحتكار في الإدارة المالية في الإسلام: ١/ ٢٦٩ - ٣٦٣. مآب.

<<  <  ج: ص:  >  >>