للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا البيع الجهالة في صفته وحياته وكونُهُ غير مقدور التسليم.

ولذلك أبطل الشارع الغرر في المعاوضات، في كل تعاوضٍ يشتمل على خطر أو غررٍ في ثمن أو مثمن أو أجل.

ومن التشاريع الرفيقة بالناس ما علم الله أنها تساعدهم على الالتزام بالشريعة، وتيسر عليهم حياتهم، وتضمن لهم معاشهم، وتمكنهم من تحقيق ما ينفعهم من الرواج.

وسبيل ذلك إباحة التجارة في الحج، وتشريع عقود المعاملات. وهي من قسم الحاجي. وتلزم بحصول صيغها، وبالأقوال الدالة على التراضي فيها بين المتعاقدَين، وبالوفاء بما اتفقا عليه من شروط فيها مصلحة للطرفين.

وتجاوزت الشريعة عن الغرر الذي لا تخلو منه المقايضات في الغالب، أو الذي تقتضيه المطالب المجتمعية مما كان رفيقاً بالناس، مساعداً لهم على تحقيق مقاصدهم. وذلك كإباحة الشريعة المغارسة والسَّلَم والمزارعة والقراض.

وجعلِها اللزوم المترتّب على العقد غير جارٍ على عقود عمل الأبدان. وتركت لأصحاب هذه المعاملات التخيير، ولم تجعله مرتبطاً بالعقد ولكن بالشروع في العمل. ومن هذه العقود الجعل والقراض باتفاق بين الفقهاء، والمغارسة والمزارعة على خلاف بينهم. وأفتى الشيخ ابن عاشور بأن ما هو من أعمال الأبدان لا يلزم إلا بالشروع. وحصر ذلك القرافي في خمسة أنواع من العقود هي: الجعالة، والقراض، والمغارسة، والوكالة، وحكم الحاكم. فهذه لا تلزم بالعقد (١).


(١) الفروق: ٤/ ١٣ - ف ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>