للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليجمع بين الحديثين. وتسمية التفاضل بالربا في حديثي أبي سعيد وعبادة دليل على ما قلناه. وإن ما رعاه مالك من إبطال ما يفضي إلى التعامل بالربا إن صدر من مواقع التهمة رعي حسن، وما عداه إغراق في الاحتياط. وقد يؤخذ من بعض أقوال مالك في الموطأ وغيره أن انتفاء التهمة لا يبطل العقد (١).

ولا تمسك في نحو حديث عائشة في زيد بن أرقم لأن المسلمين في أمرهم الأول كانوا قريبي عهد بربا الجاهلية. فكان حالهم مقتضياً لسدّ الذرائع. وربا الجاهلية المحرّم لذاته لا يباح إلا للضرورة التي تبيح أكل الميتة.

وقال ابن عرفة: إن ما يحرم به فضل القدر والنَّساء هو عوض متحدي جنس الذهب أو الفضة، وربوي الطعام، وإن ما يحرم فيه النَّساء فقط هو عوض اختلف في جنسه، أو الذهب والفضة. وباتخاذ العوضين في درجة الطيب من الطعام تحصل المماثلة، فلا يجوز بيع فريك الحنطة بيابسها، ولا السمن بالزبد متماثلاً ولا متفاضلاً (٢).

واعتقادي أنه لا يجوز التصرّف بسرعة وارتجال في إلحاق عدد كبير من المبادلات المالية بما تقرَّر حظرُه ومنعُه. فإن للفقهاء في بعض هذه المعاملات توقفاً أو خلافاً. فما كان من العقود لا ينطبق عليه النهي الوارد من الشارع دخل باتفاق في دائرة المعاملات المشروعة، وما اختلفت فيه وجهة النظر من حيث شمول النهي أو عدم شموله كان موضع اختلافهم. فمن أدخل هذا النوع من التبادل


(١) التحرير والتنوير: ٢/ ٨٨ - ٨٩.
(٢) الرصاع. شرح حدود ابن عرفة: ١/ ٣٣٥ - ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>