للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزاء في أي صورة من صوره ترغيبٌ أو ترهيبٌ وتوصلٌ إلى تحقيق المقاصد القريبة والعالية.

ولإدراك القضايا الفقهية والأصولية والمقاصد على وجهها لا بد بعد تحققنا من أن للشريعة مقاصد من التشريع، وأن حاجة الفقيه إلى معرفتها كبيرة، من أن نتجه مع المؤلف إلى الخط الذي رسمه للتعريف بطرق إثبات المقاصد الشرعية. فنتبيّن من ذلك ما كان معتمداً لهذا الغرض في الزمن المتقدم عند السلف، وما هو من تلك الطرق أساسي وعلمي يمكن اعتماده من المجتهدين اليوم. ويضطرنا الأمر في هذه الحال إلى الجمع بين المسائل الفروعية التي هي مجالات التطبيق، وبين النظريات الحِكمية للمقاصد التي تعلل بها الأحكام أو توجه بها، لفرط ارتباطها بالمصالح وبالغايات التي أنيطت بها.

فطريقة السلف في طلب المقاصد، وإن كان الشيخ ابن عاشور مع ذكره لها لم يعدّها من الطرق لأنه لم يجد حجة لذلك في كل قول من أقوالهم، أو لأن بعضها غير مصرِّح صاحبُه بأنه راعى في كلامه المقصد، وبعضها فيه التصريح أو ما يقاربه لكنه لا يعد بمفرده حجة؛ وقصاراه أن يكون رأياً لصاحبه في فهم مقصد الشريعة (١)، يقتضي بحثاً ويتطلّب درساً لما ذكروه في هذا الغرض، فإن أقوالَهم كما بيّن ذلك الإمام الأكبر دالة على أن مقاصد الشريعة على الجملة واجبة الاعتبار، ولأن أقوالهم لما تكاثرت أنبأتنا بأنهم كانوا يتقضَّون بالاستقراء مقاصد الشريعة من التشريع (٢). وبياناً لذلك ذكر المؤلف أحكام بعض قضايا فروعية، تولّى من خلالها


(١) المقاصد: ٦٦.
(٢) المقاصد: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>