للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عموم الخطاب الشرعي أقام الله أحكامه على وصف مشترك بين الناس جميعاً استقر في نفوسهم وارتضته العقول السليمة فيهم وهو الفطرة. وقد جعل التماثل في إجراء أحكامه عوناً على حصول الوحدة الاجتماعية في الأمة، كما أرساها على اعتبار الحِكم والعلل التي هي من مدركات العقول لا تختلف باختلاف الأمم والعوائد. ومما يؤكد عموم الشريعة الكليات الكثيرة الواردة في القرآن، والقواعد العامة التي نجدها في السُّنة، ثم ما انبنت عليه الشريعة من مجملات ومطلقات يتولّى أمرَ بيانها وبيان محاملها أئمة هذا الدين من مجتهدين وفقهاء. وقد أردف المؤلف حديثه عن عموم الشريعة بذكر أمثلة كثيرة غَمرت كتب الأصول والقواعد (١).

(٢) اقتضاء الأوصاف المتقدمة صلوحية الشريعة للناس كافة في كل زمان ومكان. وذكر الكيفيات التي تتحقق بها صلوحيتها الدائمة، كقبول الشريعة بأصولها وكلياتها للانطباق على مختلف الأحوال بحيث تساير أحكامها مختلف الأحوال دون حرج ولا مشقة ولا عسر.

وكأن يكون مختلف أحوال العصور والأمم قابلاً للتشكيل على نحو أحكام الإسلام دون حرج ولا مشقة، كما أمكن للإسلام تغيير بعض أحوال العرب والفرس والقبط والبربر والروم والتتار والهنود والصينيين والترك من غير أن يجدوا حرجاً ولا عسراً في الإقلاع عما لزموه من قديم أحوالهم الباطلة، أو انسلخوا عنه مما تعارفوه من العوائد المقبولة (٢).


(١) المقاصد: ٢٧٤ - ٢٧٨.
(٢) المقاصد: ٢٧٤ - ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>