للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقاصد التي توّج بها المؤلف موضوعات هذا الباب، في القضاء والشهادات كثيرة متنوّعة. صدّر بها بحثه منبّهاً إلى ذلك بقوله: أنبأنا استقراء الشريعة من أقوالها وتصرّفاتها بأن مقصدها: أن يكون للأمة ولاةٌ يسوسون مصالحها، ويقيمون العدل فيها، ويُنفّذون أحكام الشريعة بينها؛ لأن الشريعة ما جاءت بما جاءت به من تحديد كيفيات معاملات الأمة، وتعيين الحقوق لأصحابها، إلا وهي تريد تنفيذ أحكامها وإيصال الحقوق إلى أربابها (١).

وهذا المقصد الجليل والهدف السامي للشريعة معلّل بما هو منتشر بين الناس من ظروف وأحوال عبّر عنها المصنّف بقوله إثر ذلك: لأن الحقوق معرّضة للاغتصاب بدافع الغضب أو الشهوة، ومعرّضة لسوء الفهم وللجهل والتناسي (٢). وإنما تزيل ذلك الشريعة بحملها الناس على الاستقامة.

وأكبر مقاصد الشريعة هو حفظ نظام الأمة، وليس يُحفظ نظامها إلا بسدّ ثَلمات الهرج والفتنة والاعتداء (٣).

ويتبع الشيخ - رحمه الله - ذكر هذا المقصد بمقصد آخر أساسه ما بنيت عليه الشريعة من هداية، وقام به السلطان من دعوة، وحثٍّ على الالتزام به من أحكام الشريعة، ودفع ورفع أسباب الغواية. ويُثنّي المؤلف على ذلك بوجوب تعيين ولاة لإقامة أمورها، وإيجاد قوة تعين على تنفيذ أحكام الشريعة بينها. وهذا ما يستوجب وجودَ حكومة وسلطان هما من لوازم إقامة الشريعة لئلا تتعرّض في بعض الأوقات إلى التعطيل.


(١) المقاصد: ٥١٥.
(٢) المقاصد: ٥١٥.
(٣) المقاصد: ٥٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>