للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظنّة المصلحة. ولا يكون العزل إلا لمظنّة المفسدة. فجميع تصرّفات الأمراء منوطة بالمصالح كما بَيَّنا (١). وإن حفظ حرمة المناصب الشرعية، وإعانة القائمين بها على المضي في سبيلهم، غيرَ وجِلين ولا مغضوضين لَمِن أكبر المصالح (٢).

وورد في المقاصد عند الحديث عن إنهاء ولاية القضاة ما نصّه: تكلم العلماء في عزل القاضي، وتردّدت أنظارهم في ذلك، بناء على اعتباره وكيلاً عن الأمير من جهة، وعلى وجوب حرمة هذا المنصب في نظر الناس من جهة أخرى. وهي مسألة لها مزيد تعلّق بالسلامة من نفوذ غيره عليه، لأن العزل غضاضة عليه، وتوقّعه ينقص من صرامته إن لم يغلبه دينه (٣).

وبعد التقديم لهذه الولاية وما يعتري المنتصب لها من أحكام، وما ينبغي أن يُرعى فيها من ذمام له وللقضاء، يَنقُل إلينا المؤلف جملة من الآراء المتقاربة حيناً، والمتباعدة أخرى. فيصوّر موقف بعض الأئمة ووجهات أنظارهم فيما صدروا عنه من أحكام. فمن ذلك ما ذكره عن المازري من قوله: إن عُلم عِلْمُ القاضي وعدالته ولم يقدح فيه قادح لم يعزل بالشكية، وسئل عن حاله بسببها سراً. وذكر بعد هذا -فيمَن لم تتحقق عدالته - أن أصبغ قال: يُعزل، وقال غيره: لا يُعزل. وتعرّض بعد ذلك لما جرى عليه السلف وما رواه من كلام ابن عرفة أحدِ المحققين من علماء المالكية، قال: إن في عزل القاضي توهيناً لحرمة منصبه، على أنه قد صار، فيما بعد عصر السلف، لصاحب الخطة حق في بقائها، نظراً لضعف آراء وعدالة


(١) انظر الفروق: ٤/ ٣٩.
(٢) المقاصد: ٥٢٩.
(٣) المقاصد: ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>