للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقنين المتقدمين، بحكم الاجتهاد والأسباب الحاملة عليه، قائلاً: الاجتهاد فرض كفاية على الأمة بقدر حاجة أقطارها وأحوالها، وأن الأمة تأثم بالتفريط فيه مع الاستطاعة ومِكْنَة الأسباب والآلات. وإنه لمن الضروري الانتباه إلى ما ظهر في ذلك من آثار في الأحوال التي بدت متغيّرة عن الأحوال التي كانت في عصور المجتهدين، والأحوال التي طرأت، ولم يكن نظيرها معروفاً في تلك العصور، والأحوال التي ظهرت حاجة المسلمين فيها إلى العمل بعمل واحد لا يناسبه ما هم عليه من اختلاف المذاهب. فهم بحاجة في الأقل إلى علماء يرجحون لهم العمل بقول بعض المذاهب المقتدى بها الآن بين المسلمين ليصدر المسلمون عن عمل واحد .. وإن أقلّ ما يجب على العلماء في هذا العصر أن يبتدئوا به من هذا الغرض العلمي، أن يسعَوا إلى جمع مجمع علمي يحضره أكبر العلماء بالعلوم الشرعية في كل قطر إسلامي على اختلاف مذاهب المسلمين في الأقطار، ويَبسُطوا بينهم حاجات الأمة، ويصدُروا فيها عن وفاق فيما يتعين عمل الأمة عليه، ويُعلمِوا أقطار الإسلام بمقرراتهم (١).

ويشترط في أعضاء المجمع أن يقيموا من بينهم أوسعهم علماً وأحدَّهم نظراً في فهم الشريعة. فيشهدوا له بالتأهُّل للاجتهاد في الشريعة، ويتعين أن يكونوا قد جمعوا إلى العلم العدالة واتباع الشريعة، لتكون أمانة العلم فيهم مستوفاة، ولا تتطرق إليهم الريبة في النصح للأمة.

أما الموضوعات التي على المجمع أن يوليها من العناية ما هي به جديرة فقضايا العقيدة والعبادات التي هي بها بناء كيان المسلم، وبها تتحقّق ذاته، وقضايا العصر ومستجداته في المعاملات والمسائل


(١) المقاصد: ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>