للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة ألفاظ اللغات، ودلالة أنواع كلام اللغة الواحدة تفاوتاً في تطرّق الاحتمال إلى المراد بذلك الكلام. فبعض أنواع الكلام يتطرّقه احتمالٌ أكثر ممَّا يتطرق إلى بعض آخر، وبعضُ المتكلمين أقدر على نصب العلامات في كلامه على مراده منه من بعض آخر. ومن هنا وُصف بعضُ المتكلّمين بالفصاحة والبلاغة.

على أن حظ السامعين للكلام في مقدار الاستفادة منه متفاوت أيضاً؛ بحسب تفاوت أذهانهم، وممارستهم لأساليب لغة ذلك الكلام، ولأساليب صنف المتكلم بذلك الكلام.

وبذلك لم يستغنِ المتكلمون والسامعون عن أن تحف بالكلام ملامحُ من سياق الكلام، ومقام الخطاب، ومبيّناتٌ من البساط، لتتظافر تلك الأشياءُ الحافة بالكلام على إزالة احتمالاتٍ كانت تعرض للسامع في مراد المتكلم من كلامه. ولذلك تجدُ الكلامَ الذي شافه به المتكلم سامعيه أوضح دلالة على مراده من الكلام الذي بَلَّغَه عنه مبلَّغ، وتجد الكلامَ المكتوب أكثرَ احتمالاتٍ من الكلام المبلّغ بلفظه


= أن الإجماع ظني. وبناء على ذلك فقد ورد في منتهى السول قول الإسنوي: أما السنة فالآحاد منها لا تفيد إلا الظن، وأما المتواتر فهو كالقرآن متنه قطعي ودلالته ظنية لتوقفه على نفي الاحتمالات العشرة، ونفيها ما ثبت إلا بالأصل، والأصل يفيد الظن فقط. منتهى السول: ١/ ٤١. ويزيد المؤلف تأكيداً لرأيه هذا بقوله في هذا الفصل: يخطئ الفقهاء حين يقتصرون في استنباط الأحكام على اعتصار الألفاظ وتوجيه آرائهم إلى اللفظ مقتنعين به، وإنّ أدق مقام في الدلالة وأحوجه إلى الاستعانة عليها مقام التشريع، وأن التابعين كانوا يتبصّرون من آثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لدفع الاحتمالات ومعرفة ما يستنبط من العلل تبعاً لمعرفة الحكم والمقاصد. ٧٩ - ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>