للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا المبحث تعلق قوي بمبحث التحيّل، إلَّا أن التحيّل يُراد منه أعمال يأتيها بعض الناس في خاصة أحواله، للتخلّص من حقّ شرعي عليه بصورة هي أيضاً معتبرةٌ شرعاً حتى يظن أنه جارٍ على حكم الشرع. وأما الذرائع فهي ما يفضي إلى فساد سواء قصد الناس به إفضاءه إلى فساد أم لم يقصدوا، وذلك في الأحوال العامة.

فحصل الفرق بين الذرائع وبين الحيل من جهتين: جهة العموم والخصوص، وجهة القصد وعدمه.

وأيضاً الحيلُ المبحوث عنها لا تكون إلَّا مُبطلةً لمقصد شرعي، والذرائع قد تكون مبطلة لمقصد الشارع من الصلاح، وقد لا تكون مبطلة كما سنبيّنه في تقسيمها. فهذا فرق ثالث.

واعلم أن إفضاء الأمور الصالحة إلى مفاسد شيء شائع في كثير من الأعمال، بل ربما كان ذلك الإفضاء إلى الفساد غير حاصل إلَّا عند كمال الأمور الصالحة. مثل النار فإن حالة كمالها، وهو اشتعالها الذي به صلاح الموقدين، هي حالة إفضائها إلى مفسدة الإحراق. فاعتبار الشريعة بسد الذرائع يحصل عند ظهور غلبة مفسدة المآل على مصلحة الأصل. فهذه هي الذريعة الواجب سدُّها.

وقد قسم شهاب الدين القرافي في الفرق الرابع والتسعين والمائة ذريعةَ الفساد إلى ثلاثة أقسام:

- مُجمَع على عدم سدّه، مثل زراعة العنب خشية ما يعتصر منه من الخمر، ومثل التجاور في البيوت خشية الزنا.


= بعده: وهي حماية الذريعة إلى أن يتطرق بالحلال إلى الحرام. مخط. الوزير المدينة: ٢/ ٣٧٣ - ٣٧٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>