للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الحقّ إرضاء له, لأنه ثابت له بمرتبة من المراتب المتقدمة، وهو التعاوض فيما يقبل التعويض، وسيأتي (١).

وقد قال عمر في كلامه مع هنيء مولاه: "إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإِسلام" (٢). وهذه المرتبة هي أوسعُ المراتب وأشهرُها في تحصيل الحقوق في نظام الحضارة الإنسانية.

المرتبة الثامنة: أن يَنَال الحقَّ - بعد انقراض مستحقّه - أقربُ الناس إليه وأولاه بأخذ حقوقه. وللعوائد والشرائع أنظار متفاوتة في تعيين صفة القرب.

والإِسلام أعدل الشرائع في ذلك حين رسم حقوق الإرث، وبناها على اعتبار القرابة الأصيلة والعارضة بقطع النظر عن المحبّة وضدها كما سيأتي. قال تعالى: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٣). وجعل الأصل في ذلك هو الرابطة العائلية. فالإرث سببه النسب والزوجية والولاء. وجعل لكلًّ حدّاً ينتهى إليه. فإذا انتهى إليه صار المالُ بمنزلة مال لا مالك له، فيعود إلى الأصل - أعني جامعة الأمة -.

وقد بنى الإِسلام ذلك على أصل الفطرة. فلم يمنع قرابة النساء منه، وما كن يأخذن شيئاً من مال الميت عند أكثر الأمم، إلَّا أنه عَدَّلَ ذلك على كيفية سنشرحها في آصرة القرابة (٤). وقد حصر


(١) انظر بعد: ٤٦٢.
(٢) انظر أعلاه: ٤١٣/ ١.
(٣) النساء: ١١.
(٤) انظر: ٤٣٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>