للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثير من الأمم يغلطون في ذلك ويبنون عليه الطعن في الأنساب جهلاً.

وأما الطريق الثاني، وهو إثبات انتساب ولد إلى أب غير الذي ينتسب إليه أو ينسبه الناس إليه، فقد ابتدأ ذلك في الشريعة الإِسلامية بإبطال ما كان من التبنّي بقوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (١). فذلك رجع بالناس إلى ما يعلمون من إثبات أنساب الأدعياء إلى آبائهم الأصليين، مثل زيد بن حارثة (٢)، إذ كان يدعى زيد بن محمَّد - صلى الله عليه وسلم -. ومثل سالم مولى أبي حذيفة (٣) إذ كان يدعى ابن أبي


(١) الأحزاب: ٥٤.
(٢) هو أبو أسامة. وأمه سعدى بنت ثعلبة من بني مَعْن. أغير عليه وهو ابن ثمان سنين، وبيع، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة أم المؤمنين. ولما تزوجت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهبته الغلام، وحضر أبوه حارثة وعمه كعب في فدائه، فاختار النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أشهد من حضر: إن زيداً ابني يرثني وأرثه. ودعي بعد ذلك زيد بن محمَّد حتى نزلت الآية: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} الأحزاب: ٥.
قال بعضهم: زيد بن حارثة أول من أسلم من الذكور. زوّجه رسول الله مولاته أم أيمن، ثم تزوّج زينب بنت جحش. وكان ينعت بحب رسول الله. تولى إمارة الجيش سنة ثمان. وقتل في غزوة مؤتة. ابن حجر. الإصابة: ١/ ٥٦٣؛ ملا علي القاري. مرقاة المفاتيح: ٢/ ٨٠.
(٣) هو الفارسي المهاجري الأنصاري. لم يكن مولى لأبي حذيفة، وإنما كان يلازمه. وهو من حلفائه كما وقع في رواية لمسلم. وعن أبي داود: هو سالم بن معقل مولى فاطمة بنت يعار، أعتقته سائبة، فوالى أبا حذيفة فتبناه. شهد اليمامة واستشهد، وكان معه لواء المهاجرين. ابن حجر. الإصابة: ٢/ ٦؛ الكاندهلوي. أوجز المسالك: ١٠/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>