للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخِف إلى العقد لرغبة في العوض ثم يتبيّنُ له أنه لا يستطيع الوفاءَ بعمله. فمصلحةُ العقد بالأصالة في لزومه وتأخر اللزوم في هذه لمانع عارض، خلافاً لظاهر كلام القرافي في الفرق التاسع والمائتين (١).

ومن معاني الرواج المقصود انتقالُ المال بأيد عديدة في الأمة على وجه لا حرج فيه على مكتسِبِه. وذلك بالتجارة وبأعواض العَمَلة التي تدفع لهم من أموال أصحاب المال. فتيسير دوران المال على آحاد الأمة وإخراجه عن أن يكون قاراً في يد واحدة أو متنقلاً من واحد إلى واحد مقصدٌ شرعي، فُهمت الإشارةُ إليه من قوله تعالى في قسمة الفيء: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (٢). فالدُّولة - بضم الدال - تداول المال وتعاقبه، أي: كيلا يكون مال الفيء يتسلمه غني من غني كالابن البكر من أبيه مثلًا أو الصاحب من صاحبه.

والشريعة قد بلغت إلى مقصدها هذا بوجه لطيف. فراعت لمكتسِبِ المال حقَّ تمتعه به. فلم تصادره في ماله بوجه يحرجه لما


= بجزء من الأصل. وهي جائزة لازمة بالعقد على الراجح. التسولي. البهجة: ٢/ ١٩٦.
والمزارعة هي الشركة في الحرث. قال خليل: لا تلزم إلا بالبذر ونحوه، كوضع الزريعة في الأرض. ولكلًّ فسخ المزارعة إن لم يبذر. وعلى هذا القول المعول. وقيل: تلزم بالعقد، وقيل: لا تلزم إلا بالشروع في العمل. الشيباني. التبيين: ٤/ ٥٦ - ٥٧.
(١) جعل القرافي العقود الخمسة: الجعالة والقراض والمغارسة والوكالة وتحكيم الحاكم جائزة غير لازمة بالعقد. فهي متساوية لديه. القرافي. الفروق، الفرق ٢٠٩ بين قاعدة ما مصلحته من العقود في اللزوم، وبين قاعدة ما مصلحته في عدم اللزوم: ٤/ ١٣.
(٢) الحشر: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>