للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواحدة إلى تحمل الغرر باعثاً للمحتاج منهما على تحمّل الغرر لقضاء حاجته، وباعثاً للآخر على إلجاء المظنون به الاحتياج إلى تحمّل الغبن والغرر. فالغرر والغبن لا يكادان يفارقان معاوضات الأعيان. ولذلك اغتفر فيها ما لا بد منهما ولم يغتفر ما زاد على ذلك. ألا ترى إلى إباحة بيع الجزاف في الأشياء التي تكال وتوزن ولم يبح بيع النقدين جزافاً (١).

وقد جاء في حديث رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض أنه قال: كانت الأرض تكرى بالطعام ونحوه. وأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ. قال حنظلة بن قيس: فقلت لرافع: فكيف هي - أي الأرض - بالدينار والدرهم؟ فقال رافع: ليس بها بأس بالدينار والدرهم (٢) *. قال البخاري في صحيحه عن الليث بن سعد: "إن الذي نُهي عنه من ذلك ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه، لما فيه من المخاطرة" (٣).

وفي حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله فسألناه عن الصّرف. فقال: "إن كان يداً بيد فلا بأس، وإن كان نَساء فلا يصلح" (٤) *. يعني فلم يمنع فيه التفاضل كما


(١) انظر: ٥٦/ ٢.
(٢) * انظر كتاب [الحرث و] المزارعة من صحيح البخاري في باب بدون ترجمة. خَ: ٣/ ٦٨؛ وفي باب كراء الأرض بالذهب والفضة. خَ: ٣/ ٧٢ - ٧٣. [وقد تقدم مثله من حديث ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: ٦٩/ ٢، ٣ وورد ذكره مفصلاً: ٦٩/ ٤]. اهـ. تع ابن عاشور.
(٣) تقدم تخرجه: ٦٩/ ٤.
(٤) * في صحيح البخاري في باب التجارة في البر وغيره من كتاب البيوع. اهـ. تع ابن عاشور.

<<  <  ج: ص:  >  >>