للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروحي والعلمي، بسبب رتابة حياتهم وعاداتهم المضلّة، والمفترض أن يكونوا على علم وبيّنة، بل على اعتقاد ويقين، بما يرام من وراء هذا التعليم، وبما حقّقه في الماضي، وما يمكن أن يحقّقه لهم من طموحات وآمال.

فليس التعليم عندهم مقصوراً على ما يبلغ به المرء إلى استخدام النفوس في مقاصد الدين، كما كان الشأن لدى الأمم السالفة التي كان معظم نظامها مستمداً من الأديان في الكليات والجزئيات. فذلك تعليم اختصاصي لحملة الأسرار الدينية من كهنة وسدنة. وهو لا ينطبق أساساً على صبغة التعليم الإسلامي ومراكزه عندنا (١). ولكنه تعليم يحفظ على الأمة دينها الذي به ازدهارها في الحياة العاجلة، وسعادتها في الحياة الأبدية الآخرة، كما يحفظ عليها لغتها التي هي ضمان جامعتها، ومظهر مفاخرها وعزتها.

ولكون هذا التعليم يفيد ارتقاءً في النوع الإنساني وكمالاً، باعتبار استجابته لحاجات العصر ومن به من الأقوام، وهو ما تتفاوت فيه مدارك الناس، كانت الغاية منه أن يفيد ترقية المدارك البشرية، وصقل الفطر الطيبة، لإضاءة الإنسانية وإظهارها في أجمل مظاهرها، فيخرج صاحبها من وصف الحيوانية البسيط، وهو الشعور بحاجة نفسه خاصة، إلى ما يفكر به في جلب مصلحته ومصلحة غيره، بالتحرز من الخلل والخطأ، قدرَ الطاقة، وبحسب منتهى المدنية في وقته (٢).

وهذا المعنى هو الذي فصّله الأستاذ الإمام في قوله من خطبته


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١٣.
(٢) المرجع السابق: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>