للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما في الجامع من أساطين، ويشيّع بنظره مساعي المارين، فإن شئت أن تعلم ما حصل من المسألة فاسأل العادّين، لأن التلميذ لم يعرف بعد معنى الكلام، فكيف به إلى دقائق علم الكلام" (١).

ومن أمثلة ذلك أيضاً ما يجري من تلقين مسائل التوحيد في مقدمات الكتب الفقهية. فهذا عبد الواحد بن عاشر ١٠٤٠ يورد في نظمه المرشد المعين على الضروري من علوم الدين في حدوث العالم قوله:

[وذا محال] وحدوث العالم ... من حدث الأعراض مع تلازم

وبالرغم من سهولة التعبير فإن إشاراته لا يدركها الأطفال ولا يَعُونها - ولو درّسها المدرس، وأوضحها الشارح - إلا بجهد وعنت. ومن يستطيع منهم فهم كلام مياره في شرحه وتعليل حقيقته حين يقول: وحدوث العالم ... لما قدم في برهان الوجود حدوثَ العالم، ذكر هنا برهان ذلك؛ وهو ملازمته للأعراض الحادثة، فإن أجرام العالم يستحيل انفكاكها عن الأعراض، كالحركة والسكون. وهذه الأعراض حادثة بدليل مشاهدة تغيّرها. فلو كانت قديمة للزم أن لا تنعدم، لأن ما ثبت قِدَمُه استحال عدمه، وإذا ثبت حدوثها واستحال وجودها في الأول، لزم حدوث الأجرام واستحالة وجودها في الأزل قطعاً لاستحالة انفكاكها عن الأعراض، إذ حدوث أحد المتلازمين يستلزم حدوث الآخر ضرورة (٢).

وإن في هذا الشرح إيغالاً أيضاً في استعمال الاصطلاحات التي لم يألفها التلميذ بعد.


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١٧١ - ١٧٢.
(٢) مياره: الدر الثمين والمورد المعين: ٣٢ - ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>