للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد انتصب الإمام مالك والبخاري ومسلم ويحيى بن معين ومن سار على نهجهم لرد ما انتشر من الضلالات والإفك، وكانوا يتشدّدون في البحث عن عدالة الرواة. ولم تسلم أكثر المستدركات على البخاري ومسلم، عند الإمام الأكبر، من التساهل في الرواية لا سيما مستدركات الحاكم والبيهقي.

هذا وقد كان للسببين المذكورين فيما لحق علم الحديث من اختلال، أثر كبير في الفقه والعقائد وآداب الدين. ولا بدع إذا وجدَ ذلك كلُّه مواجهةً ورداً من الصحابة - رضي الله عنهم - وأئمة الهدى رحمهم الله.

فقد روي عن عمر أنه حين روي له حديث فاطمة بنت قيس في نفقة المعتدّة قال: "لا نترك كتاب الله وسُنّة نبيّه لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت" (١).

وقدّم الإمام مالك القياس الجلي والعملَ الثابت بالمدينة على خبر الواحد الصحيح. ونبّه الإمام الشافعي إلى أن السنة لا تُخصّص القرآن ولا تنسخه. ومن الفقهاء والمتقدّمين مَن ردّ الحديث الغريب كابن عبد البر.

ويمكن أن نخلص من هذا إلى بيان وجه الإصلاح في عصرنا لعلم الحديث. وذلك:

أولاً: بسدّ باب التسامح في إيداع الأحاديث الضعيفة كتبَ الحديث، فإن في الأحاديث الحسان بلاغاً لطالب الفضائل.

ثانياً: بطرح الاشتغال بضبط أحوال الرواة بعد ما فحص الحفاظ صحيح الحديث من عليله.


(١) مَ: ٢/ ١١١٨ - ١١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>