للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعصّب له، مع ظهور الحجّة الدامغة، ثم ينكف عن محَجَّتِها إلى الطرق الزائغة، فلا يحمل نفسه على الحق إذا رآه، لكن يطلب التوفيق ولو على أبعد طريق بينه وبين هواه" (١).

كما أنه لا يعتمد عمل أي فريق من العلماء بتونس أو فاس أو الأندلس، ولكنه يمضي في النظر والاجتهاد بالتزام قواعد النحارير في هذا المجال، معلناً موقفه من جمود الجامدين قائلاً: ولا علينا إذا أخطأ الجاهلون، فإنهم من الآن في ظلماتهم يعمهون (٢). وتَتْبعُ هذه الأسباب أسبابٌ كثيرة أخرى منها:

ثالثاً: عدم العناية بجميع النظائر والقواعد للفروع بذكر الحكم الجامع، فيستغنى بذلك عن كثرة التفريع.

رابعاً: إهمال النظر في مقاصد الشريعة لتحرير المذاهب وإطلاقها ودعم النظر الاجتهادي، كأمر الخليفة الأول بجمع القرآن، وحماية الخليفة الثاني للحمى، وجمع عثمان للمصحف، ومغادرة الإمام علي إلى الكوفة، والحرص على جمع تلك المقاصد لتدبّرها


(١) الونشريسي: المعيار: ٢/ ٤٨٣.
(٢) ينظر المؤلف في هذا إلى قول ابن العربي: ولما استمرت القرون على موت العلم وظهور الجهل، فكلّ مَن تخصَّص لم يقدر على أكثر من أن يتعلق ببدعة الظاهر، فيقول: اتبع الرسل. فكان هذا عوناً على الباطل. وذلك بقدر الله وقضائه. ثم حدثت حوادث لم يلقوها في منصوصات المالكية، فنظروا فيها بغير علم فتاهوا، وجعل الخلف منهم يتبع في ذلك السلف، حتى آلت الحال أن لا ينظر إلى قول مالك وكبراء أصحابه. ويقال: قد قال في هذه المسألة أهل قرطبة وأهل طلمنكة وأهل طلبيرة وأهل طليطلة. فانتقلوا من المدينة وفقهائها إلى طلبيرة وطريقها. ابن العربي: العواصم من القواصم: ٢/ ٢٠٢ - ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>