ولا شك أن بجانب تلك الأسباب، التي ألمعنا إلى طرق تحاميها والتغلب عليها، أسباباً لا ترجع إلى استعمالات الجهلة باللغة العربية وأسرارها، ولكنها عرضت للغة الضاد نفسها لأسباب:
أولاً: إشراف الأسلوب العربي على الاضمحلال لتقادم العهد به، واحتكام المتحدّثين به إلى اختيارات شخصية، غير مؤصَّلة ولا مقبولة.
ثانياً: سوء التعليم فيها وما تَبِعه من اختلال الأفهام أو جرَّ إليه من استعمالات فاسدة هابطة مختلّة.
ثالثاً: البعد عن أمرين ضروريين لعصمة اللسان من الخطأ، هما حفظ كلام العرب من أشعار وخطب، ومعرفة تاريخ أحوال العرب وعاداتها، ثم جريان الكلام على مناهج مقبولة ومعانٍ مستعذبة وتصوّرات دقيقة. وهو ما يحتاجه الأديب والخطيب والكاتب والشاعر. وذلك برجوع هؤلاء إلى كلامِ العرب نثرِه ونظمِه، والتأدّبِ به والتعاملِ معه تعاملاً يضمن صحّة التأليف وسلامة الحس والذوق، وإلمامهم بتاريخ العرب وأيامها وأهوائها وعاداتها وهو ما تتفاوت به الملكات، وتتمايز به القدرات لدى الأدباء الباحثين عن الأساليب الدقيقة، وعن روائع القول البديعة.
رابعاً: أخلال القواميس اللغوية، والغفلة عن التفقّه فيها لتنقيتها من اختلاط الحقيقة والمجاز في دلالات المفردات، كما فعل الثعالبي في مقدمة فقه اللغة، والزمخشري في أساس البلاغة.
خامساً: صرف العناية عن تحقيق مسميات الأسماء وردُّ ذلك إلى المتعارف عليه والشائع بين الناس منها. وكثيراً ما تكون تلك المسمَّيات لا معروفة على التحديد، ولا مدلولاتها شائعة. ويمكن