للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيجازِ والإطنابِ والفصلِ والوصلِ ومسائلِ البيان.

وتوفّرت المؤلفات النقدية والأدبية على العناية بأمثلة رائعة نجدها عند قدامة بن جعفر في نقد الشعر، وعند الجاحظ في البيان، وعند الزمخشري في تفسيره، وعند المرزوقي في شرحه لديوان الحماسة، وعند غيرهم من جهابذة الفن. وإنما بدأ الاشتغال بعلم البلاغة بصورة دقيقة رائعة ومعمّقة مع عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني في مصنفيه أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز. ومن يبحث في مصنفات هذا الفن يجدها قد عُنِيت في المحل الأول ببيان الطرق والمسالك إلى اختيار المعاني الجيّدة والألفاظ القريبة. ثم تبعتها تآليف أخرى أتمُّها المفتاح للسكاكي الذي شغل الناس بروائعه وإبداعاته، فصُرِف الكثيرُ من العلماء والنقّاد من بعده إلى شرحه أو التعليق عليه أو اختصاره، من غير تفكير في اكتشاف جوانب جديدة تعين على تطور هذا العلم وتقدّمه. وممن عنى بالمفتاح الأئمة: سعد الدين التفتازاني، والسيد الشريف، والأستاذ عبد الحكيم. وأصبحوا بما قدّموه من ذلك قطب الدائرة. وإن لاحظنا لديهم خلطاً في المسائل واشتغالاً بغير الفن عند إطالة الحديث عن تعريف الجنس، والحديث عن (الـ) الاستغراقية، وهل هما بمعنى، أم بينهما تفاوت؟ أو عند بيان مسألة عطف الإنشاء على الخبر، ومسألة الخلاف في حدِّ البلاغة، ثم هل هي مطابقة الكلام لجميع مقتضى الحال أو لمقتضى الحال في الجملة، كما ورد ذلك كثيراً في مباحث المطول (١).

وجاء بعد هذا اختصار المفتاح للقزويني، وكان دقيقاً متميّزاً


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>