للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووقع أثر هذا الصراع الموجه بين هذا المعهد الديني والعلمي في جميع مراحله، وبين المعاهد الأخرى المخالفة له مضموناً وهدفاً. فكان محاطاً بمعاهد ذات صبغة ومناهج فرنسية ترمي إلى فرنسة العقول بإخضاع تلامذتها، لما يخضع له التلميذ الفرنسي، والنوع الثاني من التعليم كان مقصوراً على المدرسة الصادقية والمعاهد التي جرت مجراها، وكانت تمثل التعليم التونسي خالياً - أو يكاد - من العلوم الإسلامية.

وحين اشتد الصراع وطغى العدوان الفرنسي قام ساسة ومفكرون تونسيون بإدخال أنواع من التطوير، تأكد بها القضاء على المعهد والجامعة الزيتونية. وكان هذا التصرف على مراحل: أولاً بإلحاق هذا التعليم بوزارة التعليم بعد أن كان من نظر رئاسة الحكومة ثم من نظر وزارة الدولة والمؤسسات الإسلامية. واستمر دعاة الإصلاح والمسؤولون عنه يحرصون على تعريب التعليم، ثم على توحيده. وكان من آثار ذلك فقط ترك التعليم الزيتوني مقصوراً على التعليم العالي دون أن تكون له روافد تسنده. ورغماً على الإصلاحات الجريئة تبخرت شعبة (أ) للتعليم العام التي كانت محط الآمال. وفصل الإمام عن المشيخة، وذَوَتْ الزيتونة وتعليمها العالي.

وتواصلت قبل ذلك صور القمع والهدم للزيتونة، فكان من ذلك:

أولاً: إيقاف حركة إنشاء الفروع الزيتونية.

- التضييق على موارد التعليم الزيتوني بالحد من الاعتمادات المالية الضرورية للقيام بشؤون التعليم على الوجه المطلوب.

- منع الأساتذة التابعين لإدارة التعليم والمعارف من الإسهام بدروسهم بالشعبة العلمية والعصرية قصد تحقيق النهضة العلمية الزيتونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>