للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة - فيما أعلم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدِّد لها أمر دينها". قال أبو داود: رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يُجِز به شراحيل (١).

وافتتح الباحث حديثه بوصف الإسلام بكونه خاتم الأديان، وأن شريعته عامة باقية. ونعتَ الشريعةَ بكونها إرشاداً صرفاً، وأن للفضائل والصالحات تضاؤلاً وتخلفاً بكرور الأزمان، وأن لدأب النفوس في المسير حنفاً وانحرافاً إذا امتد الميدان. فاحتاج الأمر بموجب ذلك إلى تجديد أمر الدين. وهو ما اقتضاه قول الحق سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٢). والحفظ لا يتحقق إلا بثلاثة مقامات: هي الرجوع إلى أصل التشريع عند الإشكال، وتجديد ما رثّ من أصول الدعوة، ومقام الذبّ عن الدين وحمايته، ولا يضطلع بالمقامين الأولين غير أهل العلم.

ثم تولى الإمام الأكبر بيان طرق الحديث ورواته. ثم بيَّن معناه بتفصيل القول في المراد بـ "التجديد" وبـ "أمر الدين" في هذا الحديث، قبل أن يتحدث عن دعائم الإسلام: العقيدة والشريعة، وحماية البيضة، مؤكداً أن التجديد الديني يكون بإصلاح الناس في الدنيا من جهتي التفكير والعمل، ومن جهة تأييد سلطان الدين. وبعد الوقوف عند معنى التجديد، وعند المقصود من مضي المائة سنة، باعتباره مظنّة لتطرق الرثاثة والاحتياج إلى التجديد، جعل شطر بحثه


(١) دَ. السنن: ٣١ كتاب الملاحم، ١ باب ما يذكر في قرن المائة: ٤/ ٤٨٠.
(٢) الحجر: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>